محطة الضبعة النووية – معاذ خليفة
وكأن التاريخ حط برحاله فى الساحل الشمالى المصري وبالتحديد فى منطقة الضبعة ، حيث بدأ حلم مصري منذ أكثر من 60 عاما ، ولكن الحلم توقف ، ولكنه ترك حدودا خلفها دراسات عظيمة ..
إنهها محطة الضبعة النووية حلم أجيال من المصريين رحلوا عن عالمنا ، وأجيال أخرى بيننا ، إستيقظت من الحلم لتجده واقعا بفضل سواعد وعقول مصرية تعمل لمستقبل وطن يستحق منا أن نجعله فى مركز قيادة الشرق الأوسط .
عاش ” جلوبال إيكونومي ” اللحظات التاريخية والتى ستبقي هذه السطور فى صفحات كتاب لا يفني .. ذهبنا الى الواقع بعد إختراق كل الأحلام وكان الحدث هو ” تركيب وعاء ضغط المفاعل النووي للوحدة الأولى في محطة الضبعة للطاقة النووية” .
و هذا الحدث التاريخي هو المرحلة الأولى والمهمة في تنفيذ مشروع محطة الضبعة، التي تُعد أكبر مشروع نووي في تاريخ مصر، و المحطة تتكون من أربعة مفاعلات من الجيل الثالث، ومن المتوقع أن تنتج ما يقرب من 35 مليار كيلوواط / ساعة سنويًا، وهو ما يعادل نحو 12% من احتياجات مصر من الكهرباء بحلول عام 2030.

ويُعزّز مشروع الضبعة النووية ، أمن الطاقة المصري، ويقلل اعتماد مصر على الغاز الطبيعي بنحو 7 مليارات متر مكعب سنويًا، مما يخفف الضغط على مخزون الغاز الطبيعي، كما يسهم في الوقت نفسه في تقليل الانبعاثات الكربونية، إذ لا تصدر المحطة غازات دفيئة وتنتج طاقة نظيفة تساهم في حماية البيئة.
و هذا المشروع النووى العملاق شارك في العمل بإنشاءاته عدة شركات محلية وعالمية؛ من أبرزها هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وهي المالك والمشغل للمشروع في مصر، وصاحبة الحلم الذى تحول الى حقيقة على أرض الواقع ، وبالمشاركة مع شركة روس آتوم (ROSATOM) الروسية، التي تتولى منظومة الهندسة والتوريد والبناء، بالإضافة إلى توريد الوقود النووي ودعم التشغيل والصيانة.
وشاركت في المشروع أيضًا شركة كوريا للطاقة المائية والنووية، وهي شركة كورية جنوبية متخصصة في تشغيل محطات الطاقة النووية والكهرومائية، وتابعة لشركة كوريا للطاقة الكهربائية (KEPCO)، حيث تشارك في إنشاء مرافق توليد الكهرباء بالمحطة.
أما الشركات المصرية المشاركة في إنشاءات محطة الضبعة النووية فهي ، شركة بتروجيت، شركة حسن علام، شركة المقاولون العرب، و هذه الشركات فازت بمناقصات لتنفيذ أعمال البناء والتشييد الأساسية بالمحطة، كما تم إشراك نحو 600 شركة في المشروع، 25% منها مصرية، مع توظيف عمالة مصرية تصل نسبتها إلى حوالي 80%.
و المفاعلات التى تم تركيبها تعتمد على تقنيات متقدمة مثل أنظمة السلامة السلبية التي تعمل تلقائيًا دون الحاجة إلى تدخل بشري أو طاقة كهربائية، من خلال تصميم مقاوم للكوارث الطبيعية كالزلازل، وأنظمة متعددة الحواجز للحماية القصوى من الإشعاعات.
زيارة ميدانية
وزيارتنا كانت ضمن وفد إعلامي مصري لمحطة الضبعة النووية التى تُعد أول محطة سلمية لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مصر، ويجري تنفيذها بالتعاون مع مؤسسة “روس اتوم” الروسية. وكشفت الزيارة عن تقدم ملحوظ في الأعمال الإنشائية، وارتفاع نسبة العمالة المصرية إلى 80% من إجمالي القوى العاملة.
والمشروع أن محطة الضبعة النووية، التي تضم أربع وحدات من طراز VVER-1200 بإجمالي قدرة تصل إلى 4800 ميغاواط، تُعد من أحدث نماذج مفاعلات الجيل الثالث+ المزودة بأنظمة سلامة سلبية ومتطورة، بما يضمن مستويات عالية من الأمان النووي.
وخلال اللقاء التوضيحي، قدّم عرضاً موسعاً حول تطور المشروع، وشملت الفعاليات استعراضاً لفيديو تعريفي تضمن الخطاب المشترك الذي ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال فعاليات سابقة، مؤكدين فيه على أهمية الشراكة الاستراتيجية في قطاع الطاقة النووية.
وتضمن برنامج الزيارة جولة موسعة داخل موقع الإنشاءات، حيث استعرض المهندس خالد عطية، المدير التنفيذي للمشروع، آخر مستجدات الأعمال، موضحاً أن المشروع يضم نحو 26 ألف عامل، بينهم نسبة كبيرة من الخبرات والكفاءات المصرية. كما قدّم المهندس محمد الصماد، مدير إدارة التركيبات، شرحاً فنياً حول المعدات الثقيلة المستخدمة، والتي تتراوح قدرة الأوناش بها بين 1350 و2000 طن، إضافة إلى توضيحه أن الجزيرة النووية للمحطة تشمل خمسة مبانٍ رئيسية.
وفي الجانب المدني، استعرض المهندس محمد شاهين، مدير إدارة المنشآت المدنية، القدرات الهندسية للموقع، مشيراً إلى وجود 205 وحدات إنشائية رئيسية، وتسع محطات لإنتاج الخرسانة بطاقة يومية تصل إلى 10,500 متر مكعب، لتلبية متطلبات البناء المتسارع للمشروع.
كما شملت الزيارة تفقد ميناء الضبعة التخصصي، الذي أُنشئ خصيصاً لخدمة المشروع النووي، ويُعد مشروعاً قومياً مستقلاً يسهم في استقبال المعدات الثقيلة القادمة عبر البحر. وأكد فريق الإشراف أن الميناء اكتمل بناؤه خلال فترة قياسية بلغت عاماً ونصف العام، ليصبح أحد أهم عناصر الدعم اللوجستي للمشروع.
و زيارة الوفد الصحفي نظمتها هيئة الطاقة النووية المصرية في إطار تعزيز الشفافية وإطلاع الرأي العام على مستجدات واحد من أكبر المشروعات القومية في تاريخ مصر الحديثة، والذي يُتوقع أن يساهم بشكل جذري في دعم شبكة الكهرباء الوطنية، وتنويع مصادر الطاقة، وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التكنولوجيا النووية السلمية.

