عبير فؤاد احمد
تخيل معي للحظة أن ساعتك الذكية تنبهك إلى تغير في نمط ضربات قلبك قبل أن تشعر بأي أعراض، أو أن هاتفك يحذرك من تغيرات في توازنك قد تؤدي إلى السقوط. هذا بالضبط ما تسعى إليه دراسة أبل الصحية، التي تجمع بين خبرة أطباء هارفارد وتقنيات أبل المتطورة.
في سابقة هي الأولي من نوعها تجمع بين عالمي التكنولوجيا والطب، أعلنت شركة “أبل” عن إطلاق دراسة طموحة قد تغير مفهومنا للرعاية الصحية الشخصية. هذه الدراسة ليست مجرد بحث علمي، بل هي محاولة لفهم كيف يمكن للأجهزة التي نحملها في جيوبنا أو نرتديها أن تصبح حارساً أميناً على صحتنا كما أعلن الفريق البحثي. فهي لا تركز فقط على الصحة الجسدية، بل تمتد لتشمل الصحة العقلية والإدراكية.
لكن ما يثير الاهتمام حقاً في الاتجاه المتزايد نحو فهم كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين معرفتنا بصحة الإنسان. لأنها ستستكشف الروابط بين مختلف جوانب الصحة باستخدام التكنولوجيا التي يحملها الملايين معهم كل يوم. في مجال البحوث الطبية، غالبًا ما تكون الاكتشافات محدودة بسبب تحديات عدد المشاركين، وكمية البيانات التي يمكن جمعها، ومدة الدراسة.
لكن أجهزة أبل تفتح آفاقًا جديدة في هذا المجال. فالدراسة الجديدة تعتمد على الدروس المستفادة من دراسات سابقة مثل دراسة صحة المرأة، ودراسة السمع، ودراسة القلب والحركة، والتي شارك فيها أكثر من 350,000 شخص في الولايات المتحدة. بما يتيح التنبؤ، والكشف، ومتابعة التغيرات في صحة المشاركين.
فالجسم يرسل إشارات تحذيرية صامتة، يمكن لأجهزة التكنولوجيا الحديثة التقاطها وترجمتها إلى معلومات مفيدة. وذلك في مجموعة واسعة من المجالات الصحية، تشمل النشاط البدني، الشيخوخة، صحة القلب والأوعية الدموية، السمع، الجهاز التنفسي، والصحة الإنجابية، والعقلية. وبذلك الفهم الدقيق يمكن الكشف المبكر عن المشكلات الصحية والوقاية أو تجنب آثارها.
ولكن التحدي يمكن في الحفاظ على خصوصية المشاركين، فهذا الجهاز الذكي ربما يعرفك أكثر مما تعرف نفسك. ولذا كان لابد من حماية البيانات الشخصية للمشاركين في هذه الدراسة، مع إعطاء المشاركين حرية اختيار البيانات التي يرغبون في مشاركتها، وإمكانية الانسحاب في أي وقت. فالدراسة مفتوحة حاليًا للتسجيل للمشاركين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، ويستوفون متطلبات العمر، ويوافقون علي إقرار الموافقة المستنيرة كشرط للانضمام من خلال التطبيق على هواتفهم.
وبينما نتطلع إلى نتائج هذه الدراسة الرائدة التي تأتي كاستشراف لمستقبل يتكامل فيه الذكاء التكنولوجي مع الخبرة الطبية البشرية. يجب أن نتذكر أن التكنولوجيا ليست بديلاً عن الرعاية الطبية التقليدية، بل أداة مساعدة قوية يمكنها أن تجعل حياتنا أكثر صحة وأماناً. فعندما تلتقي دقة الأجهزة الذكية مع حكمة الأطباء وخبراتهم، نكون أمام منظومة صحية متكاملة قادرة على التنبؤ بالمشكلات الصحية قبل استفحالها.