الأربعاء, 1 أكتوبر 2025, 17:15
نافذة الرأى

د. محمود عطيه يكتب عن التجربة السويسرية

كل خميس

بقلم : محمود عطية

التجرية السويسرية تهدم كل دروس التاريخ والجغرافيا التى تلقيناها صغارا..ونتعلم منها أن التعايش الناجح بين العرقيات والمساواة الاقتصادية والسياسية بين الجماعات العرقية ينهى المسلسل الدامي بين البشر الأغبياء.. وتظل تجربة سويسرا جديرة بالتطبيق إذا أردنا حقا ما يسمى بالوطن العربي الكبير..!

فبداية لا شيء في سويسرا ينبئ أو يساعد على تخيل أن هناك دولة مستقرة الأركان عالية البنيان فى ذلك المكان.. حيث الجغرافية مربكة فتقسم سويسرا جبال الألب العملاقة إلى أجزاء مختلفة.. ولا تطل على أية بحار.. ولا تتمتع إلا بالقليل من الموارد الطبيعية..!!

واللغة أيضا لا تغرى بدولة متماسكة حيث تسود الفرنسية فى الغرب والألمانية فى الشمال والشرق والايطالية فى الجنوب.. حتى الدين لا يشجع إلا بقيام دولة متطاحنة بين المذهبين البروتستانتي والكاثوليكي..ومع ذلك تعد سويسرا نموذجا للدولة المتماسكة وللذكاء البشرى الباحث عن الحلول لأصعب الظروف.. فقد استطاع ذلك الذكاء على مدى سنوات طويلة ان يصنع دولة  من اكفأ دول العالم وأكثرها شفافية.

ووفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي استحوذت سويسرا على قمة قائمة أكثر الدول تنافسية فى العالم وتتمتع بقدرة هائلة كدولة على الإبداع ومؤسساتها العلمية من بين أفضل المؤسسات العلمية دوليا..!

كم عايرنا دول العالم بتاريخنا الواحد ولغتنا الواحدة وأرضنا المنبسطة دون عائق .. ولا ندرى أننا نجرس أنفسنا ونفضح خيبتنا بأننا نمتلك كل هذا وصرنا مللا وشيعا وجماعات متطاحنة وبتنا من أخيب دول العالم.. وسويسرا المتنوعة دينيا ولغة ومتفرقة أجزاء صارت موحدة وعلى قمة دول العالم!

ربما نستفيد قليلا لو درسنا النظام التعليمي في سويسرا وتأكدنا على تركيزه على الوحدة الإبداعية للتنوع وتبديده التركيز على مشاعر الاستياء ضد جماعات أو أديان ..وقانونها لا يعترف بهوية معينة للدولة ويحترم الأقليات مما يعنى عدم وجود قوة عددية للجماعة التي ينبغي أن يكون لها القرار أو تهميش فرد لأنه ينتمي لأقلية .. ربما يكون ذلك هو سر نجاح سويسرا بدرجة وهو ما يطلقون عليه اسم “أخلاقيات الاحترام”..وهى ما تعوزنا كثيرا.