الخميس, 21 نوفمبر 2024, 11:18
أسواق مصر الرئيسية نافذة الرأى

هاني أبو الفتوح يكتب: تراجع التضخم في مصر: مؤشر تعافي أم فاصل قصير؟

شهد معدل التضخم السنوي في المدن المصرية تباطؤًا ملحوظًا في مايو 2024، حيث انخفض إلى 28.1% مقارنة بـ 32.5% في أبريل، مسجلاً أدنى مستوى له منذ يناير 2023. ويعزى هذا التراجع، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار مجموعة من المواد الغذائية الأساسية، وتحديدًا الخبز والحبوب واللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والمأكولات البحرية والزيوت.

وتراجع معدل التضخم في أسعار الطعام والشراب خلال الشهر الماضي إلى 31.% مقارنة بـ 40.5% في أبريل 2024 ، وهي أضعف وتيرة له منذ نوفمبر 2022.

وعلى الرغم من هذا التباطؤ الذي جاء للشهر الثالث على التوالي، إلا أن استدامته لا تزال موضع تساؤل في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها مصر
توقعات متباينة لمستقبل التضخم.

اختلفت آراء الخبراء الاقتصاديين حول مستقبل التضخم في مصر، حيث يتفاءل البعض باستمرار التباطؤ الحالي في ظل تراجع أسعار بعض السلع عالميًا وانخفاض تكاليف الإنتاج، ويعتبرونه مؤشرًا إيجابيًا على تحسن الوضع الاقتصادي.

على الجانب الآخر، يحذر فريق آخر من المحللين من أن التضخم قد يعاود الارتفاع في الفترة المقبلة نتيجة لتراكم عوامل داخلية وخارجية متشابكة.

ويحذرون من أن التضخم قد يرتفع مجددًا نتيجة لعدة عوامل، أبرزها:

رفع أسعار الخبز المدعوم: أدى رفع أسعار الخبز المدعوم بأربعة أضعاف في يونيو 2024 إلى زيادة كبيرة في أسعار الخبز، وهو سلعة أساسية في سلة المستهلك المصري.

زيادة أسعار الكهرباء: تعد زيادة أسعار الكهرباء في يونيو 2024 أحد العوامل التي ستدفع التضخم للارتفاع، حيث ستؤثر على تكاليف الإنتاج والنقل، وبالتالي ستنعكس على أسعار السلع والخدمات.

استمرار الضغوط التضخمية العالمية: لا تزال التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة وتقلب أسعار المواد الخام عالميًا، خاصة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تمثل ضغوطًا تضخمية قد تؤثر على الاقتصاد المصري وتدفع الأسعار للارتفاع حتى نهاية العام.

كما يحذر هؤلاء المحللون من أن استمرار تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار قد يزيد من تكلفة الواردات، مما يفاقم الضغوط التضخمية. وبالتالي، فإن استمرار التباطؤ في التضخم يظل مرهونًا بقدرة الحكومة على إدارة هذه التحديات والسيطرة على العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار مجددًا.

تحديات ملموسة أمام المواطن المصري

على الرغم من تباطؤ التضخم في مايو، إلا أن المواطن المصري لا يزال يعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة. فبالإضافة إلى استمرار ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية مثل الخضروات والفواكه والألبان واللحوم، أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار إلى زيادة تكلفة الواردات، وبالتالي ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات. كما يعاني المواطن من ارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية مثل المواصلات والتعليم والصحة، مما يزيد من أعباء المعيشة ويقلل من تأثير انخفاض التضخم على حياته اليومية.

كيف يتم تحسين مستوى المعيشة للمواطنين؟

لتحقيق استقرار الأسعار وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، يتطلب ذلك اتخاذ إجراءات فعالة وشاملة من قبل الحكومة، مثل:

• ترشيد فاتورة الواردات ودعم التصدير: يجب على الحكومة العمل على تنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وذلك من خلال تشجيع الصادرات وتعزيز الإنتاج المحلي.

• دعم الفئات الأكثر احتياجًا: يجب توفير دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل لمساعدتها على مواجهة ارتفاع الأسعار.

• مراقبة الأسواق: يجب على الحكومة تشديد الرقابة على الأسواق ومكافحة الاحتكار والممارسات الضارة التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

• تحسين مناخ الاستثمار: يجب على الحكومة العمل على تحسين بيئة الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يساهم في زيادة الإنتاج وخلق فرص عمل وتخفيف الضغوط التضخمية. يجب أن يتم التركيز بشكل أكبر على هذا الجانب نظرًا لارتفاع عدد الشركات المصرية التي نقلت أعمالها مؤخرا إلى دول خليجية توفر حوافز جاذبة ومناخ مناسب للاستثمار الأجنبي المباشر.

لا شك أن تحقيق الاستقرار في الأسعار وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين هو مسؤولية مشتركة، تتطلب تضافر جهود كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع. فالحكومة وحدها لا تستطيع تحقيق هذا الهدف بمفردها، بل تحتاج إلى تعاون وثيق مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، من خلال إطلاق مبادارات مشتركة ووضع خطط وبرامج فعالة تهدف إلى تحفيز الإنتاج، وتوفير فرص عمل جديدة، وضبط الأسواق، ومكافحة الاحتكار، وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة.فلا بد من تكامل الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الذي يمثل حجر الزاوية في بناء مستقبل اقتصادي مزدهر لمصر.