الإثنين, 18 أغسطس 2025, 17:08
الرئيسية سياحة وطيران

مشروعات جديدة على خارطة السياحة العُمانية

ما زالت سلطنة عُمان تحتفظ بمكانتها كأرض خصبة للفرص الاستثمارية في مختلف مجالات الاقتصاد الوطني، وإذا كان قطاع الطاقة الخضراء يمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ حضوره كمجال واعد، فإن قطاع السياحة يشكل مجالا لا يقل أهمية من حيث الإمكانيات والعوائد، خصوصا في ظل ما تزخر به البلاد من تنوع جغرافي وثقافي يمتد على خارطة المحافظات جميعها.

وفي الأيام الأخيرة، برزت مؤشرات جديدة على هذا المسار من خلال التوقيع على عدد من المشاريع الاستثمارية السياحية، بدءا بمحافظة ظفار التي ما زالت تتصدر المشهد السياحي بما تمثله من مزيج طبيعي وتراثي لا نظير له، وصولا إلى محافظة الداخلية، التي بدأت تدخل بقوة إلى هذا المضمار عبر استثمارات نوعية يقودها القطاع الخاص المحلي، مستفيدا من إعادة تأهيل الحارات القديمة وتقديمها في صورة تراثية متكاملة تستحضر الذاكرة العمانية الجمعية وتستقطب في الآن ذاته السائح الأجنبي الباحث عن «سحر الشرق» في عمقه الأصيل لا في صوره الاستهلاكية المعلبة.

وقد شهد الجبل الأخضر، خلال اليومين الماضيين، الإعلان عن مجموعة من المشاريع السياحية الجديدة تشمل متنزهات ومراكز ترفيهية وفنادق، تنضم إلى مشاريع قائمة وأخرى قيد التنفيذ، في مشهد يعزز مكانة الجبل كأحد أعمدة السياحة العمانية. ولا تقف هذه الحركة عند محافظة بعينها؛ فالمنافسة باتت عنوانا واضحا بين المحافظات، حيث تسعى كل واحدة منها إلى تحويل معطياتها الجغرافية والبيئية والثقافية إلى فرص استثمارية ذات بعد اقتصادي واجتماعي.

وما يمنح عُمان ميزة إضافية هو هذا التنوع الجغرافي الفريد، لكنه – رغم أهميته – لا يكفي وحده لصناعة سياحة مستدامة.. فالسياحة اليوم تحولت إلى صناعة حقيقية تتطلب بنية تحتية متطورة، ومراكز ترفيه، وفنادق بمستويات مختلفة، إلى جانب مراكز تجارية ومقاه تعبّر عن روح المكان، وتقدم التجربة السياحية متكاملة. ورغم ما يُثار من جدل حول تحول السياحة إلى سلوك استهلاكي قد يهدد الجوهر التأملي والروحي للتجربة، إلا أن توازن المعادلة يقتضي بناء مراكز حديثة بنفس الاهتمام الذي يُمنح للمتاحف والمواقع التاريخية، لتكتمل الصورة أمام الزائر من الداخل والخارج.

الفرصة الآن سانحة أكثر من أي وقت مضى لتطوير هذه الصناعة، خاصة في ظل التوجهات المحلية والإقليمية الرامية إلى تنشيط السياحة على مدار العام، لا في فصل الصيف وحده. كما أن التكامل بين الجهات الحكومية والمستثمرين المحليين والأهالي يمكن أن يخلق نموذجا عمانياً فريدا للسياحة المرتكزة على الأصالة والمعاصرة، وعلى الاستثمار المنتج لا الاستهلاك السريع.

إن نجاح التجربة العمانية في هذا القطاع لا يقاس بعدد المشاريع فقط، بل بقدرتها على صوغ رؤية وطنية متكاملة تُعيد تعريف السياحة بوصفها فعلا ثقافيا واقتصاديا، ورافعة للتنمية في المحافظات، ونافذة مشرعة على العالم.

تعد قرية العين بولاية الجبل الأخضر في محافظة الداخلية وجهة سياحية مميزة للكثير من زوّار الولاية، لما تتميز به من مناخ معتدل صيفًا وشديد البرودة شتاءً، وغناها بالمعالم التاريخية والثقافية، وتنوع محاصيلها الزراعية كالورد، والرمان، والعنب، وغيرها الكثير، والتي تتوزع في مدرجات تجسّد الطبيعة الزراعية العُمانية.

كما أن تمازج التضاريس الجبلية والمناظر الطبيعية والمزارع في القرية جعلها وجهة مفضلة لمحبي الطبيعة، وعشاق التصوير، وممارسة رياضة المشي عبر العديد من الطرق القديمة التي ترتبط بها مع قرى ولاية الجبل الأخضر بقرى محافظة الداخلية، وعدد من قرى ولايات محافظة جنوب الباطنة.

يعود تاريخ قرية العين إلى مئات السنين، وهي ذات أهمية كبيرة في الولاية؛ حيث إنها تتوسط الولاية، وكذلك لموقعها المتميز، وتربض على كتلة من صخور الترافثين، التي تُعرف بغزارة المياه فيها منذ العصور القديمة، وأكسبتها إطلالة جميلة على ثلاث قرى من قرى الولاية، وهي: العقر، والشريجة، والقشع.

يعود تسمية القرية بهذا الاسم إلى وجود مصادر ينابيع المياه في القرية، حيث تنبع منها ثلاثة أفلاج، وهي: فلج الأعور، الذي يروي مزارع قرى العين والعقر والقشع، وفلج القنتي، الذي يروي مزارع قرية العين، وفلج أبو كبير، الذي يروي مزارع قرية الشريجة وجزءًا من مزارع قرية العين، بالإضافة إلى وجود بعض العيون المائية مثل “عين العيينة”.

تشتهر قرية العين بعدد من المعالم التاريخية والثقافية والدينية، ومنها الموقع المسمى “القلعة”، ويطل على القرية من جهة الشمال، ويعد من أقدم البيوت السكنية التي سكنها أولًا الفُرس. كما أن هندسة شق الأفلاج عبر قنوات تحت الأرض هي تحفة تاريخية بحد ذاتها، ومنازل القرية – خاصة القديمة – شاهد على عمق التاريخ الذي تزخر به القرية.

وبجانب ذلك، فإن الجانب الثقافي، والذي هو العامل الأساسي في ترسيخ تاريخ القرية وتناقله عبر الأجيال، يتجلى من خلال مدرسة القرآن الكريم وعلوم الدين، وتخصيص مجموعة من الكتب الدينية والثقافية والعلمية وشتى العلوم الأخرى كوقف عام للقرية، وتحديد مساحة من مزارع القرية لتكون ريعًا في خدمة الكتب الموقوفة. أما من الناحية الدينية، فالمساجد القديمة هي شاهد عيان منذ القدم على اهتمام الأهالي بهذا الجانب، حيث يوجد في القرية أربعة مساجد، وهي: المسجد الأعلى، ومسجد النارنجة، ومسجد الخشبتين، ومسجد القنتي.