الأحد, 15 يونيو 2025, 3:49
الرئيسية نافذة الرأى

محمد عبد العال يكتب: التداعيات الاقتصادية المحتملة على مصر نتيجة الحرب الإسرائيلية الإيرانية

فى مثل تلك الظروف والمواجهات الحرجة، فإن علينا مواطنين وحكومة العمل على تدبير وتوفير كل وسائل تحقيق توازن واستقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي، والاعتماد على الإنتاج المحلى، ومتابعة التطورات الإقليمية بشكل دقيق واتخاذ الخطوات الاحترازية المناسبة.

“الأسد الصاعد ” ، هو الإسم الذى أطلقته إسرائيل على ضربتها العسكرية ضد ايران، والوعد الصادق هو ما أطلقته إيران على ضرباتها العسكرية ضد إسرائيل، فما يهمنا الآن هو محاولة استقراء استباقي للمخاطر والتداعيات الاقتصادية المحتملة علينا إذا ما إستمرت تلك الحرب وتصاعدت عمقاً وعنفاً.

نحن على ثقة تامة، أن الحكومة المصرية بكل اجهزتها واعية تماما للدروس السابقة التى لازمت الصدمات الخارجية السابقة المعروفة، ولديها من خبرة التعامل فى ظل اقتصاد الحرب واقتصاد الأزمة، وانها اتخذت فعلا أقصى الاجراءات الممكنة، وتسلحت بإجراءات استباقية لتعزيز أمن إمداداتها، وتنويع مصادرها، وتفعيل استراتيجياتها الاقتصادية لمواجهة الآثار المحتملة. ولقد أجتمع رئيس الوزراء مع محافظ البنك المركزي، والوزراء المعنين لتنسيق الخطط الضرورية لمواجهة تداعيات التوتر الاقليمى القائم، ونتمنى من الله عز وجل أن تمر تداعيات تلك الحرب ونحن اكثر قوة وصموداً.

إن استمرار تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، قد يؤدى ذلك إلى أن تواجه معظم دول العالم والإقليم وفى القلب منها مصر، عددًا من التحديات، قد تجعلنا مضطرين إلى الانتقال إلس نطاق أوسع من تقبل حد أدنى من آثار تلك المخاطر.

فى تصورى أن اولى واهم تلك المخاوف هى استمرار ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وهذا يمكن أن يزيد من تكاليف الواردات لمصر، ومع إغلاق خط الغاز الإسرائيلي، ستحتاج مصر إلى تأمين مصادر بديلة للطاقة للحفاظ على استقرار الشبكة الكهربائية والصناعات التي تعتمد على الغاز كمصدر رئيسي للطاقة، وقد يؤدى نقص الغاز إلى زيادات في تكاليف الإنتاج، خاصة فى الصناعات كثيفة الاستخدام له.

من ناحية أخرى هناك مخاوف من وقف خطوط الإمداد للسلع والخامات ومستلزمات الانتاج، فمع استمرار التوتر، قد تتخذ الأطراف إجراءات أكثر صرامة، مثل قطع خطوط الإمداد بشكل كامل، وهو ما يؤدى إلى جانب ارتفاع تكاليف النقل والتامين إلي ارتفاع اسعار معظم السلع المستوردة وإلي زيادة العجز في الميزان التجاري إذا ارتفعت تكلفة الواردات أو توافرت بأسعار أعلى في السوق العالمية.

كما يجب تدارك أثر استمرار توترات البحر الأحمر على ايرادات قناة السويس، كما ان احد اهم المخاوف من تصاعد وتعمق الصراع الاسرائيلى الايرانى هو التأثير السلبى المحتمل على قرارات المستثمرين، وإضعاف قدرتهم على تحمل المخاطر، وايضاً التأثير السلبى على قطاع السياحة، أحد أهم مصادر النقد الأجنبى، فإن عدم الاستقرار الإقليمي يؤدي إلى تراجع أو تردد أو تاجيل قرارات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتقلص العائدات من السياحة. ونامل ألا تؤثر تلك المستجدات على موعد الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير المقرر الثالث من يو ليو القادم.

من ناحية أخرى بالطبع، فإن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء نتيجة للاضطرابات يُمكن أن يؤدي إلى زيادة التضخم المحلى، مما قد يمهد لتوقع ان تؤجل لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى، الاستمرار فى دورة التيسير التى كانت قد تبنتها فى الاجتماعين السابقين وقامت بتخفيض الفائدة بمقدار ٣٢٥ نقطة أساس، وتاخذ فى إجتماعها التالى المحدد انعقاده فى العاشر من يوليو القادم بالتثبيت.

وبالنسبة لسعر الصرف ففى ظل سياسة مرونة سعر الصرف الناجحة التى تسود سوق النقد المصرى ، فإن أى تقلبات محتملةفي سعر صرف الجنيه المصري يمكن أن تكون مدفوعة بتحركات توازن خروج ودخول صفقات الاستثمار الاجنبى غير المباشر ( الاموال الساخنة ) أو استجابة لورود تدفقات من صفقات استثمار مباشر مزمع الإعلان عنها، ولكن وفقا للتجارب التاريخية المحلية والعالمية فأنه يمكن أن يتعرض الجنيه المصرى لضغوط لفترة محدودة ومؤقتة يعود بعدها تحت التأثير الإيجابى لعوامل الدعم الأخرى.