الأحد, 1 يونيو 2025, 18:27
تجارة وصناعة

عبير فؤاد تكتب : ثانية تفصلنا عن ساعة القيامة

 

في تطور مقلق يعكس عمق الأزمات العالمية المتشابكة، أعلنت نشرة العلماء الذريين أن ساعة يوم القيامة الرمزية قد تقدمت إلى 89 ثانية قبل منتصف الليل. وهو أقرب توقيت في تاريخها البالغ 78 عاماً. في إشارة تحذير قوية حول مستقبل البشرية الذي لم يتبق إمامه إلا ثواني معدودة وينتهي.

يشارك في تحريك عقارب ساعة يوم القيامة مشاورات وتقييمات 13 من الخبراء والعلماء الحائزين علي جائزة نوبل. من خلال قياس مدى قرب البشرية من نهايتها مستشهدين بتقييم البيانات والمؤشرات عن تهديدات الاستقرار العالمي، وتهديد الأوبئة، وتبعات استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية.

عندما أطلق العلماء هذه الساعة الرمزية في عام 1947، كان العالم يتعافى من ويلات الحرب العالمية الثانية. منذ ذلك الحين، ظلت الساعة تعكس مستوى التهديدات التي تواجه البشرية. بعد نهاية الحرب الباردة، عكست عقارب الساعة التي أشارت إلى 17 دقيقة قبل منتصف الليل تفاؤلاً حذراً بمستقبل أكثر أمناً.

لكن ما نشهده اليوم يختلف تماماً. ففي عام 2023، تم تقديم الساعة إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل لأول مرة في تاريخها، والآن نحن أقرب من أي وقت مضى إلى “منتصف الليل” لتحين قيامة العالم.

تتضافر عوامل متعددة لتشكل هذا التهديد غير المسبوق. فمن ناحية، نشهد تصاعداً خطيراً في التوترات النووية العالمية. ممثلة في التعاون المقلق بين دول مثل كوريا الشمالية وروسيا والصين في تطوير برامجها النووية، إلى جانب التهديدات المتكررة باستخدام الأسلحة النووية في النزاع الروسي-الأوكراني، يشكل تهديداً وجودياً للبشرية.

ومن ناحية أخرى، يستمر شبح تغير المناخ في إلقاء ظلاله الثقيلة على مستقبلنا. فالسنوات الأخيرة شهدت ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة العالمية، وتزايداً في الكوارث الطبيعية التي تهدد الأمن الغذائي والمائي لملايين البشر. وفي ظل تباطؤ الجهود العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية، وهكذا تتفاقم المخاطر يوماً بعد يوم على الأمن الغذائي والمائي العالمي.

يضاف إلى هذا المشهد القاتم عدم الاستقرار المتزايد في منطقة الشرق الأوسط واستمرار النزاعات المسلحة في عدة مناطق، فضلا عن تهديدات أمن الطاقة العالمي وتصاعد التوترات الإقليمية وتأثيراته السلبية علي الاقتصاد العالمي. ليس هذا فحسب، فنجد استمرار ظهور الأوبئة العالمية والمخاوف المتجددة من ظهور سلالات جديدة من الفيروسات. كذلك المخاطر المتصاعدة لدمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية وغياب الأطر التنظيمية الدولية الفعالة. كل هذه العوامل تتشابك وتتفاعل لتخلق واقعاً أكثر خطورة من أي وقت مضى.

لكن وكما يقول دانيال هولز، رئيس مجلس العلوم والأمن: عندما تكون على حافة الهاوية، الشيء الوحيد الذي لا تريد القيام به هو أخذ خطوة إلى الأمام.” وهنا يكمن بصيص الأمل. فرغم قتامة المشهد، لا يزال هناك متسع من الوقت للعمل.

الوضع ليس ميؤوساً منه. يؤكد العلماء أن عقارب الساعة يمكن إرجاعها إذا بتعاون دولي حقيقي بين الدول لاتخاذ إجراءات ملموسة للحد من التسلح النووي، ومكافحة تغير المناخ، وتنظيم تطوير الذكاء الاصطناعي. كما نحتاج إلى تحسين الاستعداد العالمي للأوبئة وتقوية آليات حل النزاعات الدولية.

السؤال الآن: هل سنستمع إلى هذا الإنذار ونتحرك قبل أن تدق الساعة منتصف الليل وتحين قيامة العالم؟ بالتأكيد هذا التوقيت الرمزي ليس هو الهدف، ولكن المؤكد أن مصير البشرية يعتمد على قراراتنا واختياراتنا اليوم.