أكد الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية، أن تنفيذ مشروع محطة الضبعة النووية يُعدّ تتويجًا لسنوات عديدة من الجهود المصرية الهادفة لإدخال الطاقة النووية إلى مصر.
وقال الدكتور أمجد الوكيل، في حوار خاص مع “جلوبال ايكونومي” بوابة الاقتصاد العربي، على هامش الاحتفال بعيد الطاقة النووية الرابع؛ أن التعاون مع روسيا في هذا المجال وثيق وعريق، حيث بدأ مع الاتحاد السوفيتي بالتزامن مع إنشاء المفاعل البحثي الأول عام 1961.
وأوضح أمجد الوكيل، أن مشروع الضبعة النووي لا يقتصر على توليد الكهرباء، بل يُعتبر أيضًا قاطرة تنموية تساهم في تعزيز الاقتصاد المصري من خلال تطوير مختلف القطاعات.
وأشار رئيس هيئة المحطات النووية، إلى أن مصر تمتلك برنامجًا نوويًا طموحًا بدأ مع محطة الضبعة النووية، ولن يتوقف عند هذا المشروع، مؤكداً أن الرؤية المستقبلية تشمل توسيع هذا البرنامج بشكل مستدام، مضيفاً الدور الحيوي للطاقة النووية في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد المصري، وإلى نص الحوار…
ما هي الخلفية التاريخية لمشروع الضبعة النووية؟
يمثل تنفيذ مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية تتويجًا لسنوات طويلة من الجهود المصرية لإدخال الطاقة النووية إلى مصر. تعود خطط إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية إلى أواخر السبعينيات، حين بدأت إجراءات اختيار الموقع على طول الساحل الشمالي الغربي لمصر، المطل على البحر الأبيض المتوسط.
ما هي المراحل الرئيسية لتنفيذ مشروع الضبعة النووية؟
يشتمل المشروع على ثلاث مراحل رئيسية: المرحلة التحضيرية “ما قبل الإنشاء”:بدأت في ديسمبر 2017 وركزت على الأنشطة المتعلقة بتجهيز وتهيئة الموقع لإنشاء المحطة النووية. كانت المدة المخططة لهذه المرحلة تتراوح بين عامين ونصف إلى أربعة أعوام، وقد تم الانتهاء منها لجميع الوحدات في 23 يناير الماضي.
المرحلة الثانية “مرحلة الإنشاء”:انطلقت بالحصول على إذن الإنشاء، وشملت كافة الأعمال المتعلقة بالبناء والتشييد، تدريب العاملين، والاستعداد لاختبارات ما قبل التشغيل. من المقرر أن تستمر هذه المرحلة لمدة خمسة أعوام ونصف.
المرحلة الأخيرة “مرحلة اختبارات التشغيل”:تبدأ بالحصول على إذن لإجراء اختبارات ما قبل التشغيل، وتشمل تنفيذ هذه الاختبارات، التشغيل الفعلي، والتسليم المبدئي للوحدة النووية. تستمر هذه المرحلة حتى إصدار ترخيص التشغيل، مع توقع أن تمتد اختبارات ما قبل التشغيل لمدة 11 شهرًا، من المخطط أن يتم ربط أول وحدة بالشبكة بحلول سبتمبر 2028، وآخر وحدة في فبراير 2030.
كم عدد الوحدات النووية الجاري إنشاؤها بالضبعة؟
يهدف مشروع الضبعة إلى بناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط PWR من الطراز الروسي VVER-1200 (AES-2006)، بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة. وتعد مفاعلات الماء المضغوط التي تم اختيارها من بين أكثر أنواع المفاعلات شيوعًا واستخدامًا على مستوى العالم.
ما هو الدور الذي لعبه التعاون الدولي، خاصة مع روسيا، في تحقيق أهداف مصر في مجال الطاقة النووية؟
التعاون مع دولة روسيا الاتحادية يمثل شراكة وثيقة وعريقة تعود جذورها إلى حقبة الاتحاد السوفيتي. بدأت هذه العلاقات مع إنشاء المفاعل البحثي الأول عام 1961، واستمر التعاون الوثيق أيضًا في مشروعات كبرى مثل السد العالي.
بفضل العلاقات التاريخية المميزة بين البلدين، تم التوصل إلى تنفيذ مشروع محطة الضبعة النووية. ولا شك أن روسيا تعتبر شريكًا استراتيجيًا مهمًا لمصر، نظرًا لامتلاكها جميع عناصر التكنولوجيا النووية. نأمل أن يستمر هذا التعاون المثمر في إنشاء المحطة النووية الأولى وتحقيق حلم المصريين في دخول مجال الطاقة النووية.
هل هناك خطط لتوسيع هذا التعاون في مجال الطاقة النووية ليشمل دولًا أخرى؟
بالطبع، الدولة المصرية منفتحة على التعاون مع جميع دول العالم. فمصر تلتزم بالشفافية وتتمتع بعراقة في مجال الطاقة الذرية، رغم كونها حديثة العهد نسبيًا في مجال الطاقة النووية. هذا لا يعني أن التعاون المصري يقتصر فقط على روسيا الاتحادية، بل إن لمصر علاقات راسخة مع العديد من الدول الأخرى، إلى جانب علاقاتها الجيدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يفتح آفاقًا أوسع لتوسيع هذا التعاون.
كيف يسهم مشروع الطاقة النووية في تعزيز الاقتصاد المصري؟
لا يمكن لأي دولة غير مستقرة سياسيًا أو تواجه تحديات اقتصادية كبرى أن تشرع في تنفيذ مشروع طويل الأمد يمتد لمدة 10 سنوات لإنجاز مراحله المختلفة. ومن المؤكد أن مشروع الضبعة النووي يسهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد المصري.
إلى جانب دوره في توليد الكهرباء، يمثل المشروع قاطرة تنموية تمتد آثاره الإيجابية إلى مختلف القطاعات الاقتصادية، من خلال توفير فرص عمل، نقل التكنولوجيا، وتشجيع الصناعات المحلية.
كيف تساهم الطاقة النووية في تحقيق التنمية المستدامة؟
تُعدّ الطاقة النووية مصدرًا نظيفًا وصديقًا للبيئة، وقد تم الاعتراف بها كطاقة خضراء من قِبل الاتحاد الأوروبي في فبراير 2022. تسهم الطاقة النووية حاليًا بنحو 10% من إجمالي الطاقة المنتجة عالميًا، مع وجود خطط عالمية لزيادة هذه النسبة إلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050.
في مصر، تسهم الطاقة النووية في تعزيز الاقتصاد من خلال توفير مصدر مستدام للكهرباء، تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحفيز الاستثمارات المحلية والدولية في هذا المجال. كما تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة من خلال توفير طاقة نظيفة تُساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية.
ما هو الدور الحيوي الذي تلعبه الطاقة النووية في مصر؟
تلعب الطاقة النووية دورًا أساسيًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقًا لرؤية مصر 2030، والتي تركز على ثلاثة أبعاد رئيسية: الاقتصادي، الاجتماعي، والبيئي.
البعد الاقتصادي: تسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الصناعات المحلية ونقل التكنولوجيا. البعد الاجتماعي: تسهم في تحسين جودة حياة المواطنين من خلال توفير طاقة مستدامة، وتحسين البنية التحتية للطاقة. البعد البيئي: تساعد في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الالتزام الدولي بمعايير الطاقة النظيفة.
وتعد الطاقة النووية وسيلة لتحقيق الريادة الإقليمية لمصر، بالإضافة إلى كونها ركيزة أساسية لتطوير البنية التحتية للطاقة، مما يدعم المكانة التي تستحقها الدولة على الساحة الدولية.
هل يمكن للطاقة النووية أن تُحدث تأثيرًا في أسعار الطاقة في مصر؟
بلا شك، تُعدّ الطاقة النووية مصدرًا مستقرًا للطاقة، حيث تتميز بسعر ثابت لا يتأثر بالتقلبات التي تحدث في أسواق الطاقة الأخرى، مثل تلك التي تعتمد على الوقود الأحفوري أو الغاز. على عكس هذه الأنواع التي تشهد تقلبات كبيرة في الأسعار، فإن تقلبات أسعار الطاقة النووية تُعدّ ضئيلة للغاية.
هذا الاستقرار يساهم في تثبيت أسعار الطاقة على المدى الطويل للدول المنتجة، مما يعزز من استدامة الإمدادات ويقلل من تأثير الأزمات العالمية على السوق المحلي.
ما هي الرؤية المستقبلية لبرنامج الطاقة النووية في السنوات القادمة؟
تمتلك مصر برنامجًا نوويًا طموحًا بدأ مع محطة الضبعة النووية، ولكنه لا يتوقف عند هذا المشروع. موقع محطة الضبعة الحالية يمكن أن يستوعب 4 وحدات نووية إضافية في الجهة الشرقية، فضلاً عن 4 وحدات نووية صغيرة في الجهة الغربية، تسعى الدولة المصرية إلى مضاعفة إنتاجها من الطاقة النووية بحلول عام 2050، مما يسهم في تعزيز الطاقة النظيفة والمستدامة، وما يعكس التزامها بتعزيز مزيج الطاقة الوطني، دعم التنمية المستدامة .
كيف يتم التعامل مع المخاوف البيئية والأمن النووي؟
تعتمد مصر على تكثيف الحملات التوعوية في مختلف المحافظات وتنظيم برامج توعية للطلاب والشباب. كما يتم تنظيم حملات إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي العام حول أمان الطاقة النووية، مما يسهم في تقليل المخاوف المتعلقة بالبيئة والأمن النووي ويعزز الثقة في سلامة المشروع.
ما هو دور المواطن المصري في دعم المشروع؟
يلعب المواطن المصري دورًا هامًا في دعم المشروعات القومية، بما في ذلك مشروع الطاقة النووية، من خلال تأييدها وتشجيعها. كما أن 80% من العاملين في المشروع هم من المصريين، مما يعكس الثقة في الكفاءات الوطنية وقدرتها على إنجاز المشروعات الكبرى بنجاح.
كيف يتم إشراك الشباب في قطاع الطاقة النووية؟
ترسل مصر شبابها للتدريب في روسيا ضمن استراتيجية تمكين الشباب، وذلك لضمان تأهيلهم للمساهمة في هذا القطاع الواعد، كجزء من رؤية الدولة لتعزيز التنمية المستدامة.
ما هي الرسالة الموجهة للشعب المصري؟
الدولة تعمل بلا كلل لتحقيق حلم امتلاك الطاقة النووية السلمية، مؤكدةً التزامها بتوفير مستقبل أفضل للأجيال القادمة.