اقتصاد المعرفة وأولوية التعليم الجامعي الحديث
بقلم الدكتور / فتحي الشاذلى
أستاذ العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة
إن الهدف من التعليم ليس في تخرج طبيب ماهر يحاكي ما كان يقوم به أستاذه أو مهندس منافس يشيّد بنايات سبقه اليها ملايين , هذا مطلوب ولكنه لا يكفي ، في وقتنا الراهن وحتي نستطيع مواكبة العصر فان التعليم يجب ان ينتقل من نموذج ( نقل المعرفة ) الي نموذج ( انتاج المعرفة وتوظيفها ) ويكون هدفه هو التغيير ، تغيير المجتمع وتطوير البيئية وتحقيق التنمية المستدامة ، التغيير الذي يطال كل أشكال الحياة في البيئة المحيطة ويؤثر بشكل فعال بل هو حجر الزاوية فيما نسميه التنميه الاقتصادية .
ألا تلاحظون أن البلاد المتأخرة اقتصادياً هي نفسها البلاد المتأخرة في تطوير التعليم لماذا؟!!
لأن العالم يشهد تحوّلًا جذريًا في نماذج التنمية الاقتصادية، حيث لم تعد الموارد الطبيعية والبنية التحتية هي المحرك الرئيسي للنمو والتنمية ، بل أصبح “اقتصاد المعرفة” هو المحور الأساسي . يقوم هذا الاقتصاد على إنتاج المعرفة ونقلها وتوظيفها في مجالات متعددة . وفي هذا السياق، يُعد التعليم الجامعي الحديث الركيزة الأساسية لبناء مجتمع معرفي متطور، قادر على المنافسة والابتكار ومتماسك اقتصادياً
مفهوم اقتصاد المعرفة
اقتصاد المعرفة هو نظام اقتصادي يعتمد على المعرفة كمورد رئيسي للإنتاج والنمو. يتميز بارتفاع الاعتماد على المهارات البشرية المتقدمة، والبحث العلمي، والتكنولوجيا الرقمية، بدلاً من الصناعات التقليدية.
ولا سبيل لتحقيق هذا النوع من الاقتصاد إلاّ من خلال التعليم العالي بمفهومه الحديث الذي يعتبر بيئة خصبة للبحث والتطوير، كما يساهم في تخريج الكفاءات القادرة على تحليل المشكلات وحلها بطرق إبداعية، وهي مهارات أساسية في الاقتصاد القائم على المعرفة.
الجامعات الحديثة – جامعات الجيل الرابع – لا تكتفي بتدريس المعرفة النظرية، بل تركز على المهارات التطبيقية، وريادة الأعمال، والتعليم المستمر، بما يلائم احتياجات سوق العمل المتغير.
فكيف يمكن تعزيز التعليم الجامعي لدعم اقتصاد المعرفة؟
• تطوير المناهج الدراسية لتشمل مهارات القرن الحادي والعشرين مثل التفكير النقدي، التعاون، والتحليل الرقمي.
• دعم البحث العلمي التطبيقي وتوفير تمويل مستدام للمراكز البحثية.
• تشجيع الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص، لتعزيز الابتكار وتسويق البحوث.
• التركيز على التعليم الريادي وتحفيز الطلبة على إنشاء مشاريع مبتكرة.
• تبني نموذج “الجامعة الذكية” التي توظف الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في التعليم والإدارة.
إن اقتصاد المعرفة يمثل تحديًا وفرصة في آن واحد للدول النامية .ولن يتحقق هذا التحول الي اقتصاد المعرفة إلا من خلال إعادة النظر في نظم التعليم الجامعي، وتحويل الجامعات إلى مراكز للابتكار والإبداع والمعرفة التطبيقية. إن الاستثمار في التعليم الجامعي الحديث لم يعد خيارًا بل ضرورة استراتيجية لضمان تنمية مستدامة ومجتمع معرفي قادر على المنافسة في عصر الرقمنة والعولمة.