الثلاثاء, 3 يونيو 2025, 2:41
أسواق مصر الرئيسية بنوك وتأمين

برنامج الإصلاح الاقتصادى المصري بين النجاح والفشل

كشف الرئيس عبدالفتاح السيسى، في المؤتمر العالمي للسكان، الذي انعقد اليوم أن الدولة المصرية نفذت برنامجاً للإصلاح الاقتصادي في عام 2016 وقت استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية، وحقق نجاحا كبيرا، ولكن نتيجة للأحداث الجيوسياسية التي اندلعت فى المنطقة مؤخرا، فقدت مصر ما بين  6 مليارات إلى 7 مليارات دولار خلال الـ 10 أشهر الماضية فقط، مع استمرار مصر في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى فى ظل ظروف دولية وإقليمية صعبة للغاية.

ومع عدم قدرة المواطن المصري على التحمل لهذا البرنامج، و محاولة الحكومة من وقت لآخر إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتأجيل بعض شروطه الخاصة بقرض المليارات الثمانية، وبين برنامج قاسي لا أحد يعلم مصيره فى مصر إذا كان سينجح أم يفشل ، يستعرض  جلوبال ايكونومي التجارب الناجحة والأخرى الفاشلة لبرامج الاصلاح الاقتصادى فى بعض دول العالم الثالث مع صندوق النقد الدولي .

تعزيز الاستثمارات الأجنبية

برامج الإصلاح الاقتصادي في دول العالم الثالث تختلف من حيث الفاعلية بناءً على السياق المحلي والتحديات التي تواجه كل دولة، و إليك بعض الأمثلة على البرامج الناجحة والفاشلة .

الهند 1991

يأتي على رأس البرامج الناجحة مع صندوق النقد الدولي برنامج الإصلاح الاقتصادي في الهند (1991)، حيث واجهت الهند أزمة ميزان مدفوعات حادة، مما دفع الحكومة إلى تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الفورية لتدارك الأزمة ، ونتيجة لذلك اتخذت الهند قراراً لتحرير الاقتصاد، من حيث خفض الدعم الحكومي، خصخصة الشركات المملوكة للدولة، وفتح السوق للاستثمار الأجنبي .

ونتيجة لذلك ساهمت هذه الإصلاحات في تعزيز النمو الاقتصادي للهند وجعلها واحدة من أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم.

رواندا 10 سنوات اصلاح

نفذت رواندا برنامج للاصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، في الفترة من عام 2000 إلي 2010، حيث كانت رواندا تواجه تحديات اقتصادية صغبة بعد الإبادة الجماعية عام 1994، لذلك عزمت على تحسين البنية التحتية، تشجيع الاستثمار في التعليم والصحة، وتطوير القطاع الزراعي، ونتيجة لذلك حققت رواندا نمواً اقتصادياً مستداماً وانخفاضاً كبيراً في معدلات الفقر.

اثيوبيا برنامج 20 عاما

برنامج الإصلاح في إثيوبيا تم تنفيذه لمدة 20 عاما في الفترة من عام 2000 إلي عام 2020، فقد كان الاقتصاد الإثيوبي يعتمد على الزراعة، وواجهت البلاد تحديات في الفقر والتنمية، ومع ذلك قررت تطوير قطاع البنية التحتية، تحسين السياسات الزراعية، وتشجيع الصناعة والتصنيع، ونتيجة للاصلاح الاقتصادي حققت نموًا اقتصاديًا مرتفعًا وتطورت إلى اقتصاد صناعي ناشئ .

فشل برامج صندوق النقد للاصلاح الاقتصادي في العديد من الدول

ورغم نجاح برامج الإصلاح الاقتصادي فى بعض الدول، فشلت دولا أخرى في تحقيق الإصلاح الاقتصادي المطلوب.

فشل برنامج الاصلاح الاقتصادي في زيمبابوي

فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي في زيمبابوي (1991)، فقد كان الهدف هو تحويل الاقتصاد الزراعي إلى اقتصاد صناعي، لذلك قامت الدولة بخصخصة الشركات المملوكة للدولة، فضلاً عن خفض الإنفاق الحكومي، وتحرير الأسعار، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وتفاقم الفقر، وفقدان القدرة الشرائية للعملة.

الأرجنتين وربط العملة بالدولار

أما برنامح الإصلاح الاقتصادي فى الأرجنتين (1999-2001) يختلف عن تلك الدول ، فقد تبنت الأرجنتين سياسة ربط العملة المحلية بالدولار الأمريكي بهدف كبح التضخم.

وجاءت الإصلاحات الاقتصادية بتحرير السوق، خصخصة القطاع العام، وتقليص الإنفاق الحكومي، ونتيجة لذلك حدث انهيار اقتصادي تام أدى إلى أزمة سيولة في السوق، وارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم في الديون، وفى النهاية أعلنت الدولة إفلاسها.

أسعار النفط هوت باقتصاد فنزويلا

برنامج الإصلاح في فنزويلا (2013-2018) اعتمد اقتصاد الدولة بشكل كبير على صادرات النفط، مما جعله هشاً أمام تقلبات أسعار النفط العالمية، فقد قامت الحكومة بمحاولة السيطرة على التضخم من خلال فرض قيود سعرية والزيادة في الاعتماد على الدولة، والنتيجة انهيار الاقتصاد الفنزويلي، وتفاقم التضخم المفرط، وفقدان السيطرة على العملة، مما أدى إلى أزمات إنسانية كبيرة.

التكيف مع الظروف المحلية

وتشترك الدول التى حققت نجاحاً ملحوظاً في برنامج الإصلاح الاقتصادي في انها تفذت سياسات مرنة من خلال التكيف مع الظروف المحلية وعدم الالتزام الصارم بوصفات صندوق النقد الدولي، فضلاً عن استثمار في البنية التحتية والقطاعات المنتجة: مثل التعليم، الصحة، والزراعة، بجانب دعم القطاع الخاص من خلال تشجيع الابتكار والاستثمار المحلي والأجنبي.

الإعتماد على الديون 

بينما نجد على الجانب الآخر، أن الدول التي فشلت في تحقيق الإصلاح الاقتصادي المطلوب، حدث ذلك نتيجة تنفيذ الإصلاح الاقتصادي بطرق غير مدروسة، بدون مراعاة السياق المحلي؛ مما ذاد من حدة الفقر والبطالة، بالإضافة إلي الاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية أو الديون، مما يزيد العبء المالي ويؤدي إلي الأزمات.

كما اتخذت بعض الدول سياسات تقشف قاسية أدت إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين وزيادة الفقر، إذن النجاح أو الفشل يعتمد إلى حد كبير على كيفية تصميم وتنفيذ السياسات ومدى تكاملها مع البيئة الاقتصادية والسياسية لكل دولة.

ويظل السؤال الذي يُطرح الآن بعد تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى اليوم بمراجعة موقف برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري، مع صندوق النقد الدولي في حال تسبب البرنامج في ضغط لا يتحمله المواطنون، فهل تتجه الحكومة لاتخاذ موقف حاسم حول وقف الاعتماد على صندوق النقد الدولي ووضع المواطن بين شقي الرحى..؟