الثلاثاء, 9 ديسمبر 2025, 18:58
نافذة الرأى

اللواء شريف جمجوم يكتب : دور الأحزاب السياسية في مواجهة التحديات الداخلية

 دور الأحزاب السياسية في مواجهة التحديات

والتطورات الأخيرة على الساحة الداخلية بالبلاد

بقلم : اللواء شريف جمجوم

خبير إستراتيجي 

شهدت الحياة النيابية والحزبية العديد من التطورات والتغيرات خلال العقد الأخير عقب ثورة 23 يوليو 1952 تم فيه تعديل وتغيير نظم سياسية ودساتير وإنشاء وإلغاء كيانات وتنظيمات سياسية وما ترتب على ذلك من تعديلات تشريعية ومجتمعية… أبرزها ما يلي :

1 –  التحول إلى النظام الجمهورى وإلغاء الملكية بالبلاد عقب قيام ثورة 23 يوليو 1952.

2 –  التحول من النظام البرلمانى إلى النظام الرئاسى مع حل الأحزاب السياسية والبرلمان بغرفتيه(نواب – شيوخ ) وتغيير الثقافة السياسية إلى حالة التعبئة الجماهيرية بديلا عن التنافس الحزبي من خلال الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى أعقبتها المنابر السياسية خلال فترة السبعينات إنتهاء بالأحزاب السياسية الحالية.

3 – إضطلاع لجنة شئون الأحزاب بمهام واختصاصات ومسئوليات أوسع في تأسيس الأحزاب السياسية وإشهارها والإشراف الكامل على أداؤها قبل أحداث يناير 2011 حيث كانت ذات صبغة سياسية من خلال ترأس رئيس مجلس الشورى لها وعضوية بعض الوزراء المختصين بجانب أعضاء السلطة القضائية .

4 –  إتخاذ لجنة شئون الأحزاب الصبغة القضائية خلال السنوات الأخيرة من خلال ترأس النائب الأول رئيس محكمة النقض لها وعضوية مستشارين من هيئات قضائية مختلفة مع إنحسار دورها في الجوانب الإشرافية والتنظيمية دون التدخل فى أعمال الأحزاب حيث تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب فى وقت سابق بطلبات لرئيس مجلس النواب لتعديل بعض أحكام

القانون رقم 40 لسنة 1977 المتعلقة بالإنشاء والتأسيس لتعزيز دور اللجنة في السيطرة على الأعداد المتزايدة للأحزاب التي تعدت المائة ما أدى إلى حالة سيولة ظاهرة إنعكست بالسلب على مستوى الأداء البرلمانى والممارسة السياسية بوجه عام .

أبرز التحديات على الساحة السياسية الحزبية :

1 :  محدودية تأثير الأحزاب القائمة حالياً على الساحة السياسية الداخلية بالبلاد.

2 :  تزايد أعداد الأحزاب مما أدى إلى حالة سيولة سياسية واضحة.

3 :  عدم وجود قواعد جماهيرية راسخة للأحزاب القائمة

4 : عزوف القيادات الحزبية عن الإلتحام الجماهيرى واقتصارها على فترات الدعاية الانتخابية فقط.

5 : غياب الأنشطة الثقافية والإجتماعية والتوعوية والرياضية للأحزاب ميدانياً وإعلامياً.

6 :  عدم وضوح الرؤى والأهداف والركائز الفكرية وكذا البرامج للأحزاب مما ينعكس سلباً على دورها وإنتشارها في الأوساط المختلفة.

7 : تغليب المصلحة الفردية للقيادات الحزبية على المصالح العليا للدولة، وكذا أهداف الأحزاب المقررة من اللوائح التأسيسية لها.

8  : وجود بعض الأحزاب ذات الصبغة الدينية دون البت فى أمرها قضائياً حتى الآن.

9 : عدم فاعلية لجنة شئون الأحزاب فى ضوء محدودية الصلاحيات القانونية المخولة لها في السيطرة على الساحة الحزبية.

10 : غياب ثقافة الممارسة الحزبية والسياسية لغالبية الشرائح المجتمعية وعزوف النخب المؤثرة ذات

الخبرات الممتدة عن المشاركة في الأنشطة والفاعليات المختلفة نظراً للتزاحم الشديد والعشوائية وعدم الاحترافية وغياب المنهجية عن إدارة هذا الملف الهام الذي يُعد حجر الزاوية في أي إصلاح سياسي يصبوا إليه الرأي العام .

11:  محدودية الموارد المالية للأحزاب .

12: تشابه بعض الأحزاب فى الأهداف والمبادئ فضلاً عن عدم دور للبعض الآخر من الأساس.

13:  تنامي ظاهرة التناحر والصراع على رئاسة الأحزاب وانتقالها إلى ساحات المحاكم تغليباً

للمصالح الفردية على أى إعتبارات قومية أخرى.

14 : سلبية الأداء الحزبى داخل البرلمان بغرفتيه (نواب – شيوخ.

15: عدم إعداد الكوادر الحزبية وتأهيلها ( سياسياً وثقافياً وعلمياً وتنظيميا) داخل الأحزاب مع غياب تام للتدريب بكافة صوره عنهم وخاصة أمانات المحافظات والأقاليم مما ينعكس سلباً على أداؤهم السياسي والتنظيمى .

التوصيات :

1:  فيما يتعلق بالإجراءات اللازمة لتأسيس حزب أو تنظيم سياسي :

أ – تقديم الطلب من عدد لا يقل عن ألف مؤسس ويصادق على توقيعاتهم رئيس أى محكمة إبتدائية في الجمهورية.

ب – لا يقل عدد طالبي العضوية عن ٢٥ ألف عضو كحد أدنى عند تقديم طلب التأسيس

مع مراعاة توزيع النسب بالمحافظات بما يتناسب مع الكثافات السكانية.

إقتراح تشكيل لجنة عليا للإصلاح السياسى فى ضوء دعوة السيد / رئيس الجمهورية لإجراء حوار وطنى لكافة الأطياف السياسية لتقييم أداء الأحزاب القائمة فى ضوء ما سبق برئاسة السيد المستشار/ رئيس لجنة شئون الأحزاب وعضوية ممثلين عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب – رموز من المعارضة – المجلس الأعلى للإعلام – مجلس الدفاع الوطني بجانب

أكاديميين متخصصين فى العلوم السياسية تمهيداً للعرض على القيادة السياسية بالنتائج :

والمقترحات الخاصة بالتعديلات التشريعية اللازمة لإنفاذها.

تقوم اللجنة سالفة الذكر بدراسة إمكانية دمج الأحزاب القائمة بتياراتها المختلفة في ثلاث كيانات جامعة”  يمين – وسط – يسار “على أن يكون الوسط ظهيرا للنظام السياسي تحت إشراف القيادة السياسية .

4- إضطلاع أجهزة الدولة المعنية بتقديم الدعم المادى واللوجستى والسياسي والإعلامي للكيانات المقترحة مع إتاحة الفرصة لعقد مؤتمرات جماهيرية لزيادة الفاعلية والتلاحم مع الشرائح المجتمعية والوقوف على نبض الشارع وإحتياجاته وطموحاته للعمل على وضعها في البرامج التأسيسية لها.

5- العمل على الإرتقاء بمستوى الثقافة السياسية من خلال إنشاء معهد لإعداد الكوادر الحزبية وتأهيل العناصر والمستويات التنظيمية المختلفة بأمانات الأحزاب بالمحافظات على أن يتم إلحاقه بالأمانة العامة لمجلس النواب.

6 – رفع مستوى الوعي السياسي بوسائل الإعلام المختلفة بجانب قصور الثقافة وإتاحة المجال للكيانات المقترحة لعرض برامجها وأهدافها بشكل متوازن من خلالها.

7- إضطلاع أجهزة الدولة المعنية بدراسة إمكانية توفير موارد مادية لتحفيز وتشجيع المواطنين للإنخراط فى العمل الحزبى والمشاركة الإيجابية الفعالة عن طريق تنظيم مسابقات وورش عمل وندوات تثقيفية لترسيخ تلك المفاهيم لديهم.

8- توفير قنوات إتصال رسمية من خلال مركز دعم وإتخاذ القرار بمجلس الوزراء للحصول على البيانات الرسمية للكوادر الحزبية حتى يتسنى له الوقوف على الأوضاع الراهنة والحقائق بعيداً عن المزايدات بوسائل الإعلام الموجهة ومواقع التواصل الإجتماعي المروجة للشائعات وصولاً إلى الشفافية مع وضع آلية لتلقى مقترحاتهم وتوصياتهم ترسيخاً لمبدأ المشاركة من ناحية وتأهيلهم عملياً على تحمل المسئولية والتفاعل مع أجهزة الدولة التنفيذية.

9 –  إجراء مسابقة أكاديمية تحت إشراف اللجنة العليا للإصلاح السياسي المقترحة بالبند (٢) لتقديم دراسات مقارنة مع بعض الدول مثل (الهند) وتجربة حزب المؤتمر هناك وكذا التجارب الحزبية السابقة بالبلاد في دستوری (۱۹۲۳) – (۱۹۷۱) وما تلاها من تجارب داخلياً وصولاً لأفضل صيغة تتوافق مع الوضع الحالى على أن تتضمن البدائل والمقترحات للإسترشاد بها في بلورة رؤية مستقبلية رشيدة للتعامل مع التحديات والمستجدات الأخيرة وما تستلزم من ضرورة الإصطفاف الوطني لمواجهتها.