الجمعة, 20 سبتمبر 2024, 1:03
الرئيسية بنوك وتأمين مقال رئيس التحرير

أيمن الشندويلي يكتب : إتفاق صندوق النقد الدولي ومصر مجرد مسكنات لجراحة خطيرة

ايمن الشندويلي

لم يكن  اعلان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي للمراجعة الأولى والثانية لترتيبات “تسهيل الصندوق الممدد” مع مصر، والذى وافق فيه على زيادة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار والذى يمكن السلطات المصرية من سحب حوالي 820 مليون دولار هو حل لمشاكل مصر الاقتصادية ، أو بداية شهر عسل بين الصندوق ومصر ، فالاعلان مجرد مسكن سينتهى مفعوله اذا لم تستجيب مصر للشروط القاسية الأخرى .

وقد ألمح بيان صندوق النقد الدولي فى بيانه لشروط تم تأجيل البت فيها وليس تجاوزها مثل  استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي الموجه كجزء من حزمة تعديل مستدامة لأسعار الوقود ، ومعناه رفع الدعم الكامل عن الوقود سواءا بنزين أو سولار أو غاز طبيعى وبوتاجاز ، ومع تخفيض الجنيه بهذه القيمة أمام الدولار ستصل أسعار الوقود لأرقام فلكية   ولن تعوضها عمليات الانفاق الاجتماعى من رفع الرواتب أو المعاشات .

وشرط آخر هام وأعين صندوق النقد الدولي منصبه عليه وهو انسحاب الدولة والجيش من النشاط الاقتصادي لكى يكون هناك تكافؤ فى الفرص بين القطاعين العام والخاص ، بجانب كونه أمرا أساسيا لجذب الاستثمارات الخاصة الأجنبية والمحلية إلى مصر .

حتى عوائد الاستثمار فى رأس الحكمة فقد حدد صندوق النقد الدولي أوجه الانفاق فيها وحددها بتسديد الالتزامات أى الديون بالعملات الأجنبية لمصر ، وتسريع تصفية الديون المتراكمة والمتأخرات بالعملة الأجنبية، وخفض الديون الحكومية ، وهو ما يفسر سر الاجتماع الوزارى الذى حضره محافظ البنك المركزى المصري حسن عبدالله ، و الخاص بتسديد جزء من ديون شركات البترول العاملة فى مصر .

اذن عوائد رأس الحكمة والفرح المنصوب لم يكن احتفالا بقدر ما هو تسديد جزء من ديون ، والدائن والمديون اتفقا على الصفقة برعاية سمسار يقوم بوضع الشروط والتدخل لضمان صاحب المال .

ونوهت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي فى بيان لها أمس عن الاستمرار فى كبح جماح التضخم بمصر وتشديد السياسة النقدية وهى أمورا تقع على كاهل البنك المركزى المصري والمطلوب منه أيضا رفع أسعار الفائدة لمحاولة ايجاد فرصا للأسر المصرية بالاقبال على عمليات الشراء بدلا من اصابتها بالشلل التام .

وأعطى بيان جورجييفا كلمة خبيثة  فى جملة تقول : ان تحقيق الأهداف المطلوبة من مصر  يخضع للمخاطر ،  فعلى الصعيد الخارجي، لا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة. وعلى الصعيد المحلي، سيكون الحفاظ على التحول إلى نظام صرف أجنبي حر، والحفاظ على سياسات نقدية ومالية متشددة، ودمج الاستثمار الشفاف من خارج الميزانية في عملية صنع القرار بشأن سياسة الاقتصاد الكلي، أمرا بالغ الأهمية. وستكون إدارة استئناف تدفقات رأس المال بحكمة أمرًا مهمًا لاحتواء الضغوط التضخمية والحد من مخاطر الضغوط الخارجية المستقبلية.

كل كلمة لها معنى فالبيان يقول للسلطات المصري بأن نظرة العالم لكم بها شك وعدم يقين ، كما أن التحكم فى سعر الصرف من خلال التحكم داخل البنوك العاملة مراقب وفى فحوى الكلام أن السعر لو اختلف فى السوق السوداء او الموازية عن البنوك ستضطر مصر لعمل تعويم جديد .

ودمج الاستثمار الشفاف من خارج الميزانية فى الاقتصاد الكلي ، وهى إشارة للصناديق السيادية التى لا تدخل فى ميزانية الدولة ولا الاقتصاد الكلي ، وهى أمورا شائكة أيضا لو وضع صندوق النقد أنفه فيها !!.

مصر تحتاج الى تغيير شامل فى حكومتها وادارة مؤسساتها لتصبح الادارة بالكفاءة وخلق طاقة نور لتجاوز حصار صندوق النقد الدولي والدائنين فى ثغرة خلفتها سياسات حكومة مدبولي .