الخميس, 5 ديسمبر 2024, 1:47
نافذة الرأى

هاني أبو الفتوح يكتب: صرخة العبور.. نداء استغاثة من مدينة تحولت إلى جحيم

دكتور هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي

تُعتبر مدينة العبور، التي كانت يوماً ما تجسيداً لطموحات التحديث العمراني في مصر، شاهداً حياً على فشلٍ ذريع في التخطيط الحضري وإدارة الموارد. لقد تحولت شوارع المدينة، التي كانت تزخر بالحياة والنشاط، إلى ساحة معارك يومية.

هاني أبو الفتوح يكتب: تراجع التضخم في مصر: مؤشر تعافي أم فاصل قصير؟

فالنفايات تتراكم في الشوارع بسبب الأعداد الهائلة من جامعي المواد القابلة للتدوير (النباشين)، والظلام يخيم على الطرق الرئيسية والشوارع، مما يشجع على انتشار الجريمة. كما يعاني السكان من تذبذب التيار الكهربائي الذي أتلف الأجهزة الكهربائية بخسائر مالية باهظة.

كذلك انتشر الباعة الجائلين والمتسولين بكثافة وانقطاع متكرر للمياه بسبب تردي حالة البنية التحتية والصيانة، مما يزيد من معاناتهم اليومية ويعرض صحتهم و أمنهم للخطر.

هاني أبو الفتوح يكتب: تأثير المناوشات بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد العالمي

وبشكل أكثر خطورة، فإن التخطيط العمراني للمدينة قد شوه بشكل كبير، حيث سمح جهاز المدينة بإنشاء مجمعات سكنية من ستة طوابق في مناطق مخصصة للحدائق والمرافق العامة بحسب المخطط الرسمي للأحياء المميزة التي تقاضى الجهاز من السكان مقابل نسبة التميز للفلل. وسوف يؤدي ذلك الى الضغط على البنية التحتية القائمة. علاوة على ذلك، فإن تكرار حوادث المرور المميتة والسيطرة على نفق المشاة في الحي السادس المظلم من قبل الخارجين عن القانون يزيد من الشعور بعدم الأمان لدى السكان.

ولا يقتصر الأمر على البنية التحتية المتدهورة، بل يتعداه إلى قضايا بيئية خطيرة تهدد صحة السكان. فمقلب النفايات على أطراف المدينة يشكل تهديداً حقيقياً لصحة السكان، حيث ينبعث منه الدخان الكريه والغازات الضارة بالصحة التي تلوث الهواء وتتسبب في أمراض مزمنة.

اسعار العملات في البنوك المصرية ببداية تعاملات اليوم

إن هذه الأوضاع المزرية قد أثرت بشكل كبير على حياة السكان، حيث يعيشون في حالة من الخوف والقلق المستمر، فالسرقات للممتلكات العامة والخاصة تتفشى، والخدمات الأساسية متردية، والبيئة ملوثة، وكل ذلك يؤثر سلباً على صحتهم النفسية والجسدية، ويحرمهم من أبسط حقوقهم في العيش الكريم.

وعلى الرغم من الشكاوى المتكررة من السكان، إلا أن الجهات المسؤولة لم تتخذ الإجراءات الكافية لحل هذه المشكلات، مما زاد من تفاقم الأزمة.

إن استمرار هذه الأوضاع على ما هي عليه يهدد بتحول مدينة العبور إلى مدينة طاردة، حيث يهرب السكان بحثاً عن حياة أفضل، ولذلك، فإن الأمر يتطلب تدخلاً عاجلاً وحاسماً من قبل وزارة الإسكان و وزارة الكهرباء والجهات المعنية لحل هذه المشكلات المتراكمة.

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري ببداية تعاملات اليوم

إلى المسؤولين عن شؤون مدينة العبور، نقول لكم: إن الوقت قد حان لتتحملوا مسؤولياتكم الكاملة، إن تجاهل صرخات السكان وتسويف حل مشاكلهم هو أمر خطير. يجب عليكم اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لإنقاذ هذه المدينة قبل فوات الأوان.

وندعوكم إلى فتح حوار بناء مع سكان المدينة للوصول إلى حلول مستدامة للمشكلات القائمة. إن التعاون بين جميع الأطراف هو السبيل الأمثل من أجل إعادة بناء هذه المدينة وتحويلها إلى نموذج يحتذى به.

عاجل| هاني أبو الفتوح يكتب: مأزق التضخم.. كيف فشلت السياسة النقدية بمصر في السيطرة عليه؟