الجمعة, 13 ديسمبر 2024, 8:00
نافذة الرأى

ثروت محمد يكتب : الاقتصاد المصري يكشفه لصوص النحاس

بقلم :

الكاتب الصحفي ثروت محمد

يقول المثل «لو سرقت اسرق جمل» هذا في حال وجد جملا لكن يبقى السؤال هل وجد السارق بالفعل جملا ولم يسرقه؟ تعالوا معى نستمع لنستمع ل حكايات طريفة من أحياء «المحروسة» من حى الهرم غرب القاهرة.. مرورا بحوارى وأزقة «أم هاشم» بحى السيدة زينب.. وصولا لشرق القاهرة وبالتحديد مدينة نصر.. أنتهاء بكمبوند جنة بالتجمع الثالث.

البداية من ش التعاون بحى الهرم .. عمارة سكنية استيقط سكانها منذ بضعة أيام على سرقة خمسة مقابض لأبواب الشقق السكنية المغلقة.. لسان حال السكان ولماذا مقابض أبواب الشقق بالتحديد؟ لم يحصلوا علي إجابة؟ فاللص اقتنص غنيمته وغادر العقار بأمان.

لكن أحدهم أشار عليهم ربما لأنها مصنوعة من معدن النحاس!! ربما.

الشيئ نفسه حدث وفى توقيت قريب مما جرى بـ «الهرم» فى حى السيدة زينب تم سرقة مقابض ابواب من النحاس أيضا من عد من الوحدات السكنية بأحد العقارات.

لكن الجديد فى «السيدة» سرقة “كالون” لبوابة منزل فى «الناصرية بشارع مجلس الأمة، تمت السرقة فى الواحدة ظهرا وسجلت كاميرا مثبته أمام المنزل السرقة فى وضح النهار.. حرامى بجح بصحيح !!

عادى فى بلادى سرقات لطيفة ظريفة لحرامية شطح بهم الخيال للتوسع فى النشاط من غرب ووسظ القاهرة إلى القاهرة الجديدة.

بالامس كنت عائدا من جهاز القاهرة الجديدة، قدمت شكوي لرئيس الجهاز نيابة عن قريب لى تم سرقة صاعد كابل الكهرباء من وحدته السكنية بالتجمع الثالث.

هذا الصاعد بدونه لا يتم تركيب عداد الكهرباء وبسؤال مهندس الموقع ما القيمة الموجودة فى هذا «الكابل» تجعله مغريا للسرقة؟ أجابنى: مصنوع من معدن النحاس.

أنه النحاس يا سادة صار معدنا نفيسا وصل سعر الطن من معدن النحاس ٣٥٠ ألف جنية مؤخرا صار محط أنظار الحرامية احترسوا وحافظوا علي اوانيكم النحاسية !!

أغطية البالوعات لم تسلم من السرقة فى منطقتنا منذ أشهر فهى أيضا من الحديد الزهر ووزن الغطاء الواحد منها يبلغ ٥٠ كيلوجراما وطن حديد التسليح وصل ٤٠ ألف جنيها. مصانع الحديد فى مصر ترحب بالخردة من الحديد حتى لو كان على حساب ترك البالوعات بدون غطاء

السرقات تحدث فى كل مكان وفى كل بلاد العالم ، قل لي ما نوعية السرقات في اية مجتمع اقول لك عن هذا المجتمع سعيد ام تعيس !!

بالنسبة لى السرقات زاوية ومؤشر و مرآة للمجتمع وربما كاشف عن الأحوال المعيشية للناس البسيطة محدودة الدخل بصفة عامة والمعدومة الدخل بصفة خاصة..

سرقات تكشف ولو بمقياس غير دقيق هل الناس فى بلادي تعيش رغدة متيسرة ..أم متقشفة متعثرة!!!؟

يكفينا قراءة صفحات الحوادث فى الصحف توضح لنا فى أية مجتمع وفى أية عصر نعيش فى زمن النمو والازدهار الاقتصادي والنجاح المجتمعي؟

ام فى زمن العوز والفقر والتراجع الاقتصادى والسياسى؟ .

شخصيا عشت أيام الأنفتاح الاقتصادى والذى أطلق عليه الراحل كاتب العرب أحمد بهاء الدين «انفتاح السداح مداح».

وعشت بضع سنوات من عصر نطام الزعيم الوطني الراحل حسنى مبارك فسمعنا فى بداية حكمه مصطلح «القطط الثمان» ..

و«نواب القروض» ورجال الأعمال المستحوذين على ودائع البنوك المصرية وناهبى أراضى الدولة المصرية .

للأمانة كان هناك أعلاما وصحافة وصفحات حوادث تنقل من المحاكم يوميا قضايا الفساد وقبل كل ذلك كان هناك رجال سياسة وبرلمان وطلبات إحاطة واستجوابات بجد مش تمثيل .

وبقدر ما كان الاقتصاد ينمو ويكبر ومعدل النمو يرتفع بنفس القدر كنا نتابع قضايا الفساد فى المحاكم.

وعلى الجانب الآخر كان محدودى الامكانيات يجدون الخبز لصغارهم.

هذا العصر عبر عنه بدقة رجل أعمال شهير فى حديث حضرته وسمعته يقول: الفساد هو جزء من الاقتصادالصحى القوى للدول. فوجود فساد هذا أمر صحى .

سرقات مقابض أبواب الوحدات السكنية وأغطية البالوعات لا تتساوى مع فساد الاقتصاد القوى الصحى كما قال هذا الرجل النافذ اقتصاديا

لكن هذه السرقات البسيطة فى وقتنا الحاضر وغياب قضايا الفساد الكبيرة لا أدرى ينطبق عليها عبارة وردت فى مقال للراحل الزميل الكاتب الصحفي محمود الكردوسي قالها عقب احداث يناير ببضع سنوات: أنه علي الاقل كانت ايام مبارك هناك حاجة تتسرق اما الان فلم يعد هناك شيء يسرق.

يا تري هل لم يعد الأن شيء يسرق ، أم توجد سرقات لكن الصحافة والأعلام لا يجد طريقة للوصول إليها والنشر عن تفاصيلها .

السرقات البسيطة للمقابض النحاسية تجعلنى اتسائل أيهما كان أفضل لنا الاقتصاد الصحى القوى بما له وبما عليه من نجاح وفساد وتضخم وصل إلى نسبة ١٣٪ عام ٢٠١٠؟

أم اقتصاد النزاهة والشفافية بما فيه من سرقات طريفة لطيفة من مقابض الوحدات السكنية ذات المعدن النحاس وأغطية البلوعات وكالونات الأبواب ونسبة تضخم وصلت ٢٦٪ الشهر الحالى؟